الأحد 26 أكتوبر 2025 05:08 مـ
حزب إرادة جيل

الوطن

مراكب الملك خوفو تبحر من جديد.. المتحف الكبير يوحّد أقدم أسرار الحضارة

حزب إرادة جيل

استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير في 1 نوفمبر المقبل، بعد أيام قليلة، يسطع من جديد اسم متحف مراكب الملك خوفو كأحد أبرز الشواهد على الحضارة المصرية التي جمعت بين الإيمان والفكر والهندسة.

حيث يمثل متحف مراكب خوفو أحد أهم أقسام المتحف المصري الكبير، ليس فقط لقيمته الأثرية الفريدة لأنه يضم قطعًا أثرية أعيد اكتشافها بعد آلاف السنين، بل أيضًا لكونه نموذجًا لتكامل الهندسة الخضراء مع التراث الإنساني، في تجربة تفاعلية تجعل الزائر يعيش تفاصيل رحلة الشمس التي آمن بها الفراعنة قبل آلاف السنين، وتجسيدًا لعقيدة المصريين القدماء في البعث والخلود.

أهمية متحف مراكب خوفو ورمزية المراكب في الحضارة المصرية

داخل المتحف المصري الكبير، تم بناء متحف بتجربة مختلفة وهو متحف "مراكب خوفو"، حيث يقدم تجربة فريدة لا مثيل لها.

يُعد هذا المتحف أحد أبرز المتاحف النوعية في العالم، حيث يضم قطعتين أثريتين نادرتين يُعتبران من أقدم وأضخم الآثار العضوية التي وصلت عبر آلاف السنين، وهما مركب خوفو الأولى والثانية.

ولأول مرة في التاريخ، سيتم عرض المركبين الملكيين جنبًا إلى جنب في موقع واحد داخل المتحف الكبير. وقد تم بالفعل نقل مركب خوفو الأولى من منطقة أهرامات الجيزة إلى المتحف في أغسطس 2021، بعد أن قُطعت مسافة 7.5 كيلومتر داخل هيكل معدني ضخم بواسطة عربة ذكية تعمل بالتحكم عن بُعد، لضمان الحفاظ على هذا الأثر العضوي الفريد الذي يبلغ طوله أكثر من 42 مترًا. واستُكملت أعمال تأهيلها وتجهيزها للعرض المتحفي وفق أعلى المعايير العلمية.

وتُعد مراكب الملك خوفو من أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 4600 عام، وتُمثل رمزًا مقدسًا في العقيدة المصرية القديمة. فقد آمن المصريون القدماء بأن الإله "رع" يبحر في مركب الشمس عبر السماء نهارًا ويعود لرحلته في العالم السفلي ليلًا، ولذلك رافق الملوك مراكبهم الجنائزية لتأمين رحلتهم الأبدية.

ويُجسّد متحف مراكب خوفو داخل المتحف الكبير هذا المفهوم الديني والفلسفي في تجربة بصرية تجمع بين الإيمان القديم والعلم الحديث، حيث يعرض أقدم أثر عضوي محفوظ في العالم "مركب خوفو الأولى" إلى جانب المركب الثانية التي تم اكتشافها بجوار هرم خوفو.

وبذلك تنتهي أكبر عملية لكشف واستخراج ثانٍ أكبر أثر عضوي في العالم. تم استخراج نحو 1765 قطعة خشبية من الحفرة التي وُجد فيها المركب، وكانت عبارة عن 13 طبقة داخل الحفرة، والتي سيتم عرضها للمرة الأولى جنبًا إلى جنب في موقع واحد. وسوف يُتاح للزوار مشاهدة عملية إعادة تركيب المركب الثانية مباشرة، حيث تُعرض الألواح الخشبية وهي تُجمع وتُركب تدريجيًا في تجربة تفاعلية فريدة.

التجربة البصرية للزائر

تبدأ الرحلة من ساحة خارجية تحاكي مجرى نهر النيل في فكر المصري القديم، حيث يقف تمثال الإله "حابي" رمز الفيضان، محاطًا بعشرة تماثيل للإلهة "سخمت" كرمز للحماية.

ومن هناك، يدخل الزائر إلى قاعات العرض التي تروي قصة المراكب عبر شاشات تفاعلية وعروض رقمية ثلاثية الأبعاد "3D"، تُحاكي رحلة الشمس في السماء، وتشرح مراحل بناء المراكب واستخدامها في الطقوس الدينية عند المصري القديم. كما تم تصميم القاعة على ثلاثة مستويات، تمكّن الزائر من مشاهدة المركب من الأعلى والأسفل والوسط، لتتجسد أمامه كأنها تبحر بالفعل.

تفاصيل متحف مراكب خوفو داخل المتحف الكبير

يشمل تصميم المتحف من الخارج محاكاة نموذج مطابق لإحدى الحفر الأصلية التي اكتُشفت فيها المراكب، بنفس الأبعاد والمقاييس، مع عرض 18 كتلة حجرية أثرية كانت تُستخدم لتغطية الحفرتين، وتحمل نقوشًا أصلية تضم رسوم الجرافيتي التي سجلها العمال المصريون القدماء، إلى جانب مقاسات الأحجار وخراطيش الملوك "خوفو" و"رع"، لتمنح الزائر تصورًا واقعيًا ودقيقًا.

وفي داخل المتحف، هناك سرد متكامل لقصة المراكب والملك خوفو. حيث يبدأ الزائر رحلته من منطقة الاستقبال، حيث تُعرض مجموعة من المعلومات التمهيدية حول أهمية نهر النيل، ودوره في الحياة والمعتقدات المصرية القديمة، إلى جانب عرض لتاريخ منطقة أهرامات الجيزة، وسياق اكتشاف مركب خوفو الأولى، وحالتها الأصلية، والتقنيات التي استُخدمت في نقلها وترميمها.

كما يتناول العرض مراحل استخراج مركب خوفو الثانية، وأعمال الترميم، إضافة إلى معلومات شاملة عن الملك خوفو، والمهندس الذي صمم الهرم الأكبر، والعمال الذين ساهموا في بناء هذا الصرح التاريخي الخالد.

الجانب التقني والمعماري

يعتمد متحف مراكب خوفو على أحدث أنظمة العرض والتحكم البيئي لضمان الحفاظ على الأخشاب الأثرية للمراكب.

وقد زُوّد بأنظمة ذكية لتنظيم الحرارة والرطوبة والإضاءة بما يتوافق مع معايير الاستدامة البيئية، إضافة إلى حلول طاقة شمسية وإجراءات حماية متقدمة ضد الحرائق والطوارئ. وصُمم المبنى باستخدام مواد صديقة للبيئة وعناصر معمارية تسمح بتوزيع الضوء الطبيعي بشكل متوازن دون الإضرار بالقطع الأثرية، ليصبح المتحف مثالًا على الهندسة المستدامة في خدمة التراث.

آخر الأخبار