وزير خارجية مصر: منخرطون في مشاورات بشأن نشر قوة الاستقرار بغزة


أكد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، انخراط بلاده في المشاورات الجارية في نيويورك بشأن قرار مجلس الأمن حول نشر قوة دعم الاستقرار الدولية في قطاع غزة.
وقال وزير الخارجية المصري في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الثلاثاء، إنَّ مصر تتابع عن كثب هذه المباحثات، معربًا عن أمله في أن يحافظ القرار الأممي المزمع صدوره على الثوابت الخاصة بالقضية الفلسطينية، وأن يكون قابلًا للتنفيذ الفعلي على أرض الواقع.
وشدَّد الوزير المصري على أن القاهرة تأمل التوصل إلى صياغات توافقية تعكس شواغل وأولويات كل الأطراف المعنية، مؤكدًا ضرورة تحقيق ذلك دون المساس بالثوابت الفلسطينية الوطنية.
وفيما يخص ترتيبات ما بعد الأزمة، أكَّد وزير الخارجية ضرورة أن يتولى الجانب الفلسطيني إدارة شؤونه، مشددًا على أهمية العمل على تمكين السلطة الفلسطينية من الاضطلاع بمهامها.
مخيمات النازحين الفلسطينيين
الأحداث في إفريقيا
وعن رؤية مصر لما يجري في إفريقيا، أكد عبد العاطي أن إفريقيا قارة واعدة، ورغم كل التحديات والمشاكل فإنها تمتلك فرصًا واعدة، لا سيما وأنها القارة الوحيدة التي ستتمكن من مضاعفة عدد سكانها خلال السنوات المقبلة بحلول عام 2060، وأيضًا الاتساع الكبير في الطبقة الوسطى وفي القوة الشرائية المرتفعة، وأشار إلى الاقتصادات الكثيرة التي حققت إنجازات كبيرة في القارة الإفريقية.
وقال إن هناك تحديات بالتأكيد، ونحن نضغط من خلال الاتحاد الإفريقي ومؤسساته، ومن خلال الإصلاح المؤسسي لسرعة التعامل مع هذه التحديات وإطلاق الطاقات والفرص المتاحة للتركيز على التكامل الاقتصادي، مشيرًا إلى أن إنجاز اتفاقية التجارة الحرة والتصديق عليها والاجتماعات الأخيرة كانت في القاهرة، ونجحنا في قطاعات معينة مثل المنسوجات والسيارات في الاتفاق بشأنها، لأنها كانت محل اختلاف بين الدول الإفريقية، ومن خلال وزير التجارة والاستثمار نجحنا في تخطي هذه العقبة.
وشدَّد على أن مصر ستستمر في تعزيز قيم التكامل الاقتصادي والحلول السياسية للأزمات، لأنه لا توجد حلول عسكرية في الصومال أو في السودان أو في ليبيا، ولا في أي مكان في القارة الإفريقية، مضيفًا أننا سنواصل من خلال الأدوات التنموية التي لدينا، وخاصة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، والآلية التمويلية الجديدة التي تم تدشينها لتنفيذ مشروعات مائية وتنموية في دول الحوض الجنوبي لنهر النيل، وجميعها أدوات سيتم توظيفها، وهذه الموارد حتى ولو كانت محدودة، لكن باستخدامها الفعّال والرَّشيد نستطيع أن نُساهم في دعم التنمية والاستقرار.
مخيمات النازحين السودانيين في الفاشر
القيادة المصرية الواعية
وعلى صعيد الشأن الداخلي، أكد وزير الخارجية المصري أنَّ القيادة المصرية الواعية لديها الإصرار والثقة من أجل التركيز على القوة الناعمة، والفنون والثقافة والعلوم والحضارة، مشددًا على أننا لن نألو جهدًا لتسريع استعادة الآثار التي خرجت بطريقة غير مشروعة.
وعن النجاح الساحق الذي أسفر عن فوز المرشح المصري الدكتور خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو، أضاف عبد العاطي أننا بدأنا في وقت مناسب جدًا حملة الترشح التي تمت على أسس علمية ومهنية كاملة، مشيرًا إلى أن الدولة لم تبخل بكل الدعم الممكن لدعم المرشح المصري.
وأبرز الدكتور عبد العاطي التوجيهات الرئاسية الواضحة في هذا الصدد لكل مؤسسات الدولة بدعم المرشح، مذكرًا بأن المرشح المصري قام في إطار الحملة بزيارة أكثر من 63 دولة، فضلًا عن إمكانيات المرشح والمهارات الأكاديمية والعملية التي يتميز بها.
وأوضح أن كل هذه العوامل أدت إلى هذه النتيجة، وعندما نتحرك بشكل مبكر وبأسلوب علمي وبتوجيهات رئاسية واضحة لكل مؤسسات الدولة، كل ذلك يؤدي إلى نتيجة إيجابية بطبيعة الحال.
دبلوماسية الحضارة
وفيما يتعلق بـ "دبلوماسية الحضارة" التي أرستها مصر وانعكست مظاهرها في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير وقدرة مصر على تحقيق التقارب بين الشعوب، وما إذا كانت رؤية الآخر لمصر قد تغيرت، قال وزير الخارجية: "بالتأكيد، وهو ما يأخذنا إلى نقطة أخرى، والتي تتعلق بما أطلق عليه "دبلوماسية الحضارة"، وبالفعل، دور مصر دائمًا – وهو ما يتم تكثيفه في الفترة الأخيرة – أنها تبني الجسور، جسور التواصل والتفاعل ما بين كل الحضارات والثقافات، وهذا هو دور مصر على مدار التاريخ انطلاقًا من موقعها العبقري المتميز، عبقرية المكان وعبقرية الجغرافيا المصرية وعبقرية الشعب المصري".
وشدَّد على أن مصر دائمًا تقود في مسألة إعلاء قيم الحوار والتسامح والاعتدال، وكل ذلك يُعد مسائل مهمة جدًا، وهناك عبء حضاري وثقافي مُلقى على عاتق الدولة المصرية، والجديد أن هناك قيادة واعية تُفجّر هذه الطاقات، وأننا نقوم بتسريع الأمور رغم التكلفة والأوضاع الاقتصادية التي جاءت نتيجة لعوامل خارجية، سواء فيما يتعلق بجائحة كورونا أو الحرب الأوكرانية، وأخيرًا هجمات الحوثي.
خالد عناني
قوة مصر الناعمة
وأضاف وزير الخارجية أنه رغم كل ذلك، هناك قيادة لديها الإصرار والثقة من أجل التركيز على القوة الناعمة المصرية، والفنون والثقافة والعلوم والحضارة، وكلها أمور مهمة للغاية، لاسيما وأن مصر لديها طابعًا فريدًا من نوعه غير موجود في أي دولة في العالم، وهذا هو الواقع، لأنه ليست هناك دولة في العالم لديها هذا التاريخ الممتد والمتصل وتراكم الحضارات التي تبدأ بالحضارة المصرية القديمة، ثم الحضارة اليونانية، ثم الحضارة الرومانية، فالبطلمية، ثم القبطية والعربية الإسلامية، وأخيرًا الحضارة الحديثة، وكل ذلك عندما يكون هناك تراكم وتواصل ينصهر مع بعضه البعض فينتج عنه السبيكة الحضارية المتميزة.
وأوضح أن هناك قيادة عظيمة وواعية توظف هذه الأرصدة وهذا الميراث العظيم، وبالتأكيد من خلال المتاحف، وأن نشيد أكبر متحف في العالم يُخصص لحضارة واحدة، وعشرة متاحف في كل أنحاء القطر المصري، فضلًا عن إطلاق كل الطاقات الثقافية والفنية، فكل ذلك بالتأكيد هو أمر شديد الأهمية.
وتابع: "للأسف الشديد، كنا عندما نتحدث سابقًا عن استرداد الآثار والقطع المهرّبة، يقولون: إن لديكم مخازن وليست متاحف، ولكن الآن نحن نفوق الخارج في أدوات العرض والإضاءة والإمكانات الهائلة في المتاحف، وبالتالي لم يعد هناك أي مبرر لأي دولة لديها آثار خرجت بطرق غير شرعية من مصر، ولابد من إعادة هذه القطع الثقافية التاريخية التي تنتمي إلى هذه الحضارة العظيمة ولهذا الشعب العظيم".
وواصل: "لن نألو جهدًا، وسوف نستمر في التسريع وإعادة هذه الآثار"، مضيفًا أن وزارة الخارجية أنجزت الكثير على مدار السنوات الأخيرة، حيث إن آلاف القطع التي خرجت بشكل غير شرعي تمّت إعادتها، وسنستمر في أداء هذا الدور.




