قمة ألاسكا.. نتائج محتملة لاجتماع ترامب وبوتين


وصف البيت الأبيض اجتماع اليوم الجمعة بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والأمريكي دونالد ترامب، بأنه "تمرين استماع"، ولكن حتى لو كان يهدف إلى إدارة التوقعات بشأن فرص تحقيق انفراجة في الحرب بأوكرانيا، فإن نتائج دبلوماسية أخرى قد تترتب على ذلك.
أشار ترامب ومسؤولون آخرون في الإدارة، إلى أن قمة ألاسكا لن تنهي القتال في أوكرانيا، وأنها من المرجح أن تتطلب قمة متابعة تضم كل من بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي سيكون غائبًا عن أنكوريج.
وحتى في غياب وقف إطلاق النار، قال خبراء لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن الاجتماع له عواقب أخرى، مثل عودة بوتين إلى طاولة الدبلوماسية العليا، وتهميش أوروبا بشأن الحرب التي بدأها.
وقلل ترامب من التوقعات بشأن اجتماعه، وقال إن محادثته مع بوتين "ستكون جيدة، لكنها قد تكون سيئة". لكن حتى من دون تحقيق اختراق، هناك مخاوف بشأن مقدار المكاسب التي حققها بوتن بمجرد لقائه بالرئيس على الأراضي الأمريكية في غياب القيادة الأوكرانية، وما قد يترتب على ذلك من عواقب على الصراع.
يضم الوفد الروسي في الاجتماع في قاعدة إلمندورف ريتشاردسون العسكرية في أنكوريج، وزير الخارجية سيرجي لافروف، ووزير الدفاع أندريه بيلوسوف، ووزير المالية أنطون سيلوانوف، ورئيس صندوق الثروة السيادية الروسي كيريل دميترييف.
وقال مساعد بوتين، يوري أوشاكوف، إن الحرب ستكون محور الاهتمام، لكن المناقشة ستبني أيضًا على محادثات سابقة مع المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف، وأن التجارة والتعاون الاقتصادي والأمن العالمي ستكون على جدول الأعمال. وفيما يلي 4 نتائج محتملة لقمة ترامب وبوتين، بحسب الخبراء.
1- تراجع دور أوروبا
أكد حلفاء أوكرانيا الأوروبيون، خلال مكالمة هاتفية، أمس الأول الأربعاء، ضمت ترامب وزيلينسكي، موقف كييف القائل بعدم جواز تغيير الحدود بالقوة.
لكن رافائيل لوس، الزميل السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، صرح لنيوزويك، بأن شركاء كييف الأوروبيين عالقون في نمط يستجيبون فيه لمناورات ترامب، بدلًا من تشكيل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
قال لوس: "يظهر هذا اعتماد أوروبا على الضمانات الأمنية الأمريكية والعلاقات التجارية المواتية. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيجد صعوبة في تحدي أي اتفاق أمريكي روسي خوفًا من فقدان الدعم الأمريكي للدفاع عن أوروبا وأوكرانيا.
ذكر تقرير سياسي صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في يونيو، أن الاتحاد الأوروبي سيتحمل العبء الأكبر من نتائج الصراع. وقد زادت الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو إنفاقها الدفاعي منذ تولي ترامب ولايته الثانية، وسط تساؤلات حول دور واشنطن كضامن لأمن القارة.
لكن بعد القمة، ينبغي على قادة أوروبا وأوكرانيا الاستعداد لدعوة ترامب لتطبيع العلاقات مع روسيا، ولمواصلة بوتين إغرائه بوعود غامضة بعقد صفقات، وفقًا لما ذكره لوس.
2- بوتين ينهي عزلته
لم يلتق أي زعيم غربي كبير ببوتين منذ بدء الحرب في أوكرانيا. ولكن بعد عزلته الدولية من قبل الغرب، يعود بوتين إلى الولايات المتحدة لأول مرة منذ عقد، حيث تركز وسائل الإعلام الموالية للكرملين على المكانة الرمزية لألاسكا كمركز سابق للإمبراطورية الروسية.
قال ريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، في إشارة إلى مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية والتي لا تعترف بها الولايات المتحدة: "الصورة العامة لبوتين مبهرة. فهو موضع ترحيب في الولايات المتحدة".
وقالت جانا كوبزوفا، الزميلة البارزة في شؤون السياسات بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الاجتماع يعني عمليا إنهاء عزلة بوتين الدولية، وأنه سيعقد قمة مع الرئيس الأمريكي دون أي تنازلات. وأضافت: "هذه بالفعل نتيجة جيدة لبوتين".
وقالت فاليري سبيرلينج، الخبيرة في السياسة الروسية بجامعة كلارك، إنه إذا حاول ترامب تقديم تنازلات نيابة عن أوكرانيا يرفضها زيلينسكي، فيمكن لبوتين أن يصور ذلك على أنه يظهر الرئيس الأوكراني على أنه غير متعاون. وقالت سبيرلينج: "من المرجح أن يخرج بوتين من هذه القمة منتصرًا مهما حدث".
3-"تحييد" الولايات المتحدة في حرب أوكرانيا
صرحت كوبزوفا بأن أفضل نتيجة لروسيا ستكون "تحييد" الولايات المتحدة في حرب أوكرانيا، مما يعني انخفاض المشاركة الأمريكية في جهود إنهاء الحرب، ووقف المساعدات العسكرية لكييف.
وقالت: "توقعوا أن يطرح بوتين جميع الاحتمالات للتعاون الأمريكي الروسي في مجال الطاقة وغيرها من الأعمال، بما في ذلك استغلال موارد القطب الشمالي".
وأفادت صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية، أمس الخميس، أن ترامب قد يقدم حوافز اقتصادية لبوتين، بما في ذلك فتح الوصول إلى الموارد الطبيعية قبالة سواحل ألاسكا.
وتشمل الفرص التجارية لتسريع التوصل إلى اتفاق سلام أيضًا المعادن في الأراضي الأوكرانية المحتلة، ورفع العقوبات الأمريكية على صناعة الطيران الروسية، وفقًا للصحيفة البريطانية.
4- لا وقف إطلاق نار، بل اجتماع آخر
صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس الخميس، بأنه لن يصدر أي بيان بعد القمة، وأن ترامب أكد ضرورة عقد اجتماع آخر يضم زيلينسكي قبل الاتفاق على أي وقف لإطلاق النار.
وفي إشارة إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا جزئيًا، قال ترامب الأسبوع الماضي إنه "سيكون هناك تبادل للأراضي بما يخدم مصالح البلدين" مقابل وقف إطلاق النار. وقد رفضت كييف مرارا التنازل عن أراضٍ لموسكو باعتباره مخالفا لدستورها.
وصرح فوك فوكسانوفيتش، الباحث المشارك في مركز أبحاث كلية لندن للاقتصاد، لنيوزويك، بأن روسيا لا تملك أي دوافع للموافقة على وقف إطلاق النار أو التنازل عن مطلبيها الرئيسيين، وهما تخلي أوكرانيا عن عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم وأربع مناطق ضمتها روسيا عام 2022.
مع تقدم القوات الروسية في منطقة دونباس الأوكرانية، فإن موسكو مقتنعة بأن وضعها الميداني سيتحسن، ولذلك لا تريد التخلي عن تفوقها الآن بالموافقة على وقف إطلاق النار، وفقا لفوكسانوفيتش.
حذر ترامب من أن روسيا ستواجه "عواقب وخيمة للغاية" إذا وجد أن بوتين لا يزال غير جاد بشأن إنهاء الحرب، اليوم الجمعة، لكن رسالة البيت الأبيض هي أن هناك حاجة إلى اجتماع آخر يضم زيلينسكي.
قال كونستانتين سونين، الخبير الاقتصادي الروسي المولد والناقد لبوتين والأستاذ في كلية هاريس للسياسات العامة بجامعة شيكاغو، إن قمة ألاسكا من غير المرجح أن تسفر عن أي نتيجة ملموسة.
وقال سونين لنيوزويك: "بوتين واهم ولن يخفض مطالبه، وزيلينسكي في موقف حرج. النقطة العالقة هي أنه إذا نزعت أوكرانيا سلاحها، على سبيل المثال، وتخلت عن منطقة حزام الحصن في شرق أوكرانيا، فإن بوتين سيهاجمها مرة أخرى".