نحو حوار وطني مثمر.. بقلم البرلمانى السابق رجب حميدة
حزب إرادة جيلأن القيود التي فرضت على الأحزاب وملاحقة كثير من قادتها دفعت بكثير من الناس إلى الابتعاد عن مناقشة القضايا السياسية ورفعوا شعار “مالناش دعوة بالسياسة”، وكانوا على استعداد لمناقشة مشاكل أبنائهم في المدارس والجامعات، ومشاكلهم مع المنظومة الصحية، وأزمات المواصلات وغيرها من القضايا التي تمس حياتهم اليومية ومع ذلك حرموا منها.
لقد فرض على الناس أن يكونوا متفرجين على القضايا الكبرى والصغرى، فشاهدوا الأشجار التي قطعت، والرصيف الذي اختفى والمباني الأثرية التي هدمت، والأحياء التي شوهت وغيرت معالمها رغم أنف سكانها ودون الاستماع لرأيهم.
قضايا النقاش العام ليست ترفا ولا “مكياج” على وجه أي نظام سياسي، إنما هي في جوهرها طريق للحفاظ على استقرار أي بلد لأنها ستشعر الناس إنهم شركاء وقادرون على التأثير ولو في قضايا المحليات، وستضمن انتقالا تدريجيا منظما نحو بناء دولة القانون.
إن تعود الناس على المشاركة في قضايا المحليات والسياسات العامة بشكل سلمي وديمقراطي سيعني بالتأكيد أنهم سيكونون قادرين في المستقبل القريب على مناقشة القضايا الكبرى وتأسيس دولة القانون واختيار من يمثلهم ليس فقط في البرلمان والمحليات إنما أيضا في رئاسة الجمهورية.
فتح المجال العام دون إعادة تنظيمه والتفاهم على المساحات الآمنة للتنافس والجدل السياسي سيكون مجرد لقطة إعلامية أو نقطة تنفيس أو مكياج وليس خطوه نحو الإصلاح الحقيقي.
وإذا اختزلت قضية الحوار الوطني في السماح لظهور أحزاب وشخصيات سياسية أضعفت في السنوات الأخيرة دون معالجة أسباب اضعافها، والتي كان أغلبها يرجع للقيود والملاحقات التي تعرض لها كثير من قادة هذه الأحزاب، يعني إننا سنكون أمام لقطة أو احتفال كبير، أما إذا نوقشت قضية إعادة تنظيم المجال العام بتحديد مجال آمن للمنافسة والنقاش مثل انتخابات المحليات والبرلمان والصراع على تشكيل الحكومة والجدل الساخن حول قضايا السياسات العامة، فإن هذا سيعني أن مصر تقدمت خطوات حقيقية نحو عملية إصلاح سياسي شامل والانتقال الآمن نحو بناء دولة قانون.