ليس غريبًا على الشعب المصري ما نراه من توحد قوي وتعاطف مع نظيره اللبناني بعد الفاجعة التي تعرضت لها العاصمة بيروت إثر انفجار المرفأ، فمصر دائمًا كانت الشقيقة الكبرى لكافة الدول العربية، والتي تحمل الهمّ العربي وآلامه، لذا لم تكتف مصر وشعبها بتعاطف تحمله عبارات المواساة فقط، بل ترجم هذا الشعور لأفعال لحظية وتحركات على أرض الواقع من حكومة وشعب، سواء داخل لبنان أو خارجه لإنقاذ هذا البلد الشقيق الغالي.

وتستعرض مصادرنا تلك الجهود التي سارع إلى القيام بها الشعب المصري في الداخل والخارج لإغاثة الشقيق في محنته الدامية، والوقوف جنبًا إلى جنب معه.

وأطلق اتحاد شباب مصر في لبنان مبادرة إنسانية للتبرع بالدم لضحايا انفجار بيروت، وعن تلك المبادرة يقول أحمد فهمي، أحد المصريين المقيمين بلبنان، إنه تم تفعيلها على الجروب الخاص بالاتحاد على "فيسبوك"، مضيفًا أن الجالية المصرية تتعامل مع لبنان على أنه البلد الثاني لهم، كما أكد أن كثيرا من المصريين المقيمين في لبنان استجابوا لهذه المبادرة وبدأوا بالفعل بالتبرع بالدم لأشقائهم اللبنانيين من المصابين.

«الألم واحد»

وعن تفاصيل طريقة التبرع بهذه الحملة أشار "فهمي" إلى أنه يتم من خلال ترك المواطن رقم هاتفه وفصيلة دمه، وذلك لكي تتم الاستعانة به في حال الاحتياج إلى تلك الفصيلة، مشيرًا إلى أن جميع المصريين بلبنان يشعرون بآلام أشقائهم فهم في حالة من الحزن والأسى لا تقل عن اللبنانيين على الإطلاق معتبرين أن مصابهم واحد.

كما تواصلت مصادرنا مع بعض الشباب المصريين المقيمين بلبنان، والذين شاركوا بالتبرع بشكل منفرد، وكان من بينهم الشاب ناجي أبوزهرة، عامل بفرن داخل مدينة طرابلس ببيروت، الذي أكد أنه ذهب إلى أحد المستشفيات، وتبرع هناك بالدم، موضحًا أن المصريين واللبنانيين هم شعب واحد تربطه جميع أواصل المحبة والعلاقات الوطيدة.

وأضاف أنه يعيش وسط الشعب اللبناني منذ 5 سنوات، وأكل من طيبات هذا البلد، كما لامس بنفسه طيبة شعبه ونبله، وهذا جميعه ما دفعه دون تفكير للتبرع بالدم لهذا البلد في محنته، وكأنه يتبرع لأهله بمصر، إلا أنه أشار إلى ضرورة تنظيم الجالية المصرية جهود التبرع بشكل أكبر حتى يمكن تحقيق المرجو من جهودها في جميع أنواع المساعدات المقدمة للشعب اللبناني.

بعثة من نقابة الأطباء لإغاثة الضحايا

وبداخل مصر أيضًا تضامن المصريون شعبًا وحكومة مع الأشقاء اللبنانيين، فقد كشف الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، عن تواصل النقابة مع وزارة الخارجية المصرية لتيسير سفر بعثة لأطباء مصريين عاجلة من أجل إغاثة الأشقاء في لبنان جراء الانفجار الدامي الذي وقع في مرفأ بيروت، وخلف وراءه الكثير من الضحايا والمصابين.

كما أكد الزيات أن التواصل يأتي في إطار كونه مبادرة من النقابة لإغاثة الأشقاء اللبنانيين، وذلك على أن يتم فتح باب التطوع أيضًا للسفر إلى بيروت عقب انتهاء الإجراءات الرسمية لتقديم المساعدات هناك.

وأوضح أن المستشفيات اللبنانية تعاني من ضغط كبير في أعداد الوافدين إليها نظرًا لضخامة أعداد المصابين جراء تلك الفاجعة، وتأتي هذه المبادرة ضمن الجهود التي تتخذها الدولة المصرية لمساعدة شقيقتها لبنان.

الجدير بالإشارة أنه وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتقديم مساعدات إلى الأشقاء فى دولة لبنان، لمواجهة الآثار المترتبة على الكارثة اللبنانية، أقلعت طائرة نقل عسكرية محملة بشحنة لمساعدات عاجلة تتضمن كميات كبيرة من المستلزمات الطبية.

ويأتي ذلك بالإضافة إلى الجسر الجوي الإغاثي الذي أطلقته مصر دعمًا للبنان في مواجهة كارثته، والذي يشمل 4 مراحل تتضمن كافة الجوانب الإغاثية التي يحتاجها الشعب اللبناني في الوقت الحالي.

تلك المساعدات المصرية التي أكد عنها السفير المصري في لبنان ياسر علوي، تنفرد عن بقية مساعدات الدول الأخرى التي قدمت إلى لبنان، لكونها تشمل كافة الجوانب الإغاثية، فالدولة المصرية لم تكتف باختيار جانب إغاثي واحد فحسب، وإنما قامت بتغطية كافة مجالات المساعدات التي يحتاجها لبنان وشعبه، في إطار برنامج إغاثي متكامل من جميع الأوجه.

وأشار إلى أن المرحلة الأولى من الجسر الجوي بدأت بوصول الطائرة المصرية الأولى والتي تضمنت 14 طنًا من المواد الطبية جاءت وفقًا للاحتياجات الفعلية التي طلبها، وأعد قائمة بها الجانب اللبناني.