”مـا بقى بدنا فيكم”.. ما هو وضع اللاجئين السوريين في تركيا بعد العدوان على سوريا؟
حزب إرادة جيل
بينما كانت الطائرات التركية تشن هجماتها على المناطق الشمالية السورية الواقعة بالقرب من حدودها، مطلع شهر أكتوبر المُنصرم، كان أحمد الشهري في طريقه إلى العمل بالإنشاءات بمدينة "أورفا" التركية؛ حيث فوجئ بأنه ممنوع من ممارسة عمله الذي اعتاده منذ خمس سنوات، وذلك لكونه سوريًا لاجئًا يستحوذ على فرصة عمل أحد الأتراك "المعلم التركي ياللي بالشغل قالي هيك.. ما بقى بدنا سوريين بتركيا"، يحكي الرجل السوري.
عقب ثلاث سنوات من الاضطرابات والانفجارات التي شاهدها بأم عينه في مدينته حلب السورية، كان قرار الشهري حازمًا "نحنا أخذنا نصيبنا من الحرب"، فحزم حقائبه رفقة أسرته المكونة من زوجته وطفليه، للرحيل صوب تركيا "رحنا تركيا تهريب" وذلك على غرار 4ملايين و650 ألف لاجئ سوري ولوا وجوههم شطرها عقب اندلاع الحرب في بلادهم سوريا_ حسب المديرية التركية العامة للهجرة.
ظن الرجل الثلاثيني أن الأمور استتبت له بأورفا التي يسكنها نحو (431ألف سوريًا) "وقتها الأتراك استقبلونا وأعطونا بيوت ببلاش"، وكذا عثر على عمل أعانه على مجابهة أعباء الحياة؛ حتى بدأت تخفت الأمور رويدًا رويدًا "تغيرت معاملة الأتراك لنا، ما بقى بدهم يشغلونا معهم"، فبات بالكاد يعمل "عملي باليومية، يوم بشتغل ويوم لا"، ازدادت الأمور صعوبة عامًا تلو الآخر؛ خاصة حين وجب عليه إصدار تصريح عمل لمزاولة عمله، تلك التي يُفرض على أصحاب الأعمال استصدارها ودفع الضرائب والضمان الاجتماعي نيابة عن السوريين الذين لم ينجح منهم سوى 90 ألف في ذلك حتى منتصف العام الجاري.
لمدة شهرين بالتمام، لم يخرج عامل الإنشاءات السوري إلى عمله، نظرًا لأنه لا يجد سوى الرفض من قِبل أصحاب العمل الأتراك منذ اندلاع العملية العسكرية -التي أطلقت عليها تركيا "نبع السلام"- على الأكراد السوريين "قالوا لنا عودوا إلى بلادكم ما بقى بدنا فيكم"، حزن كبير تملكه، إذ أنه لا يملك هذا القرار "سوريا بقت خراب كيف بدنا نرجع"، ذلك رغم أن تركيا تقول إن حوال 329 ألف سوري قد عادوا إلى المناطق التي سيطرت عليها العام الماضي، وفي أعقاب العملية العسكرية التي أطلقت عليها "غصن الزينون".
بينما كان أحمد الشهري يتدبر أموره المُربكة في أورفا، جرّاء هذه العملية العسكرية، كان محمد إبراهيم ينتظر في إسطنبول-التي يقيم فيها أكبر عدد من السوريين- نتائجها التي ظن بأنها ستؤهله للعودة إلى موطنه في دمشق "الحكومة التركية قالت بدها تحرر هذه المناطق بلكي نعود لبيوتنا نعمرها"، غير أن البيوت خُربت وباتت غير قابلة للتعمير، فأُصيب بخيبة أمل ألزمته الفراش "شكل أمر العودة مطولة مطولة كتير".
على مدار سبع سنوات، لا يحلم الرجل الستيني بشيء سوى بالعودة إلى بيته الذي قُصف نهاية 2012؛ ما جعله يغادر رفقة أسرته صوب تركيا؛ حيث انخرط أبنائه الثلاثة في العمل حتى لم يعد يلتقيهم إلاّ نادرًا "نحنا تعودنا يتلم شملنا كل يوم، حاليًا ما بقيت أراهم"، تتملكه وحشة مخيفة تجعله يشعر باغتراب داخلي فوق اغترابه الكبير في بلد يعامله فيه مواطنوه كمواطن درجة ثانية، لذلك عزف عن الذهاب لتقاضي أمانه الاجتماعي من الحكومة التركية، والذي يموله الاتحاد الأوروبي؛ لدعم مليون ونصف لاجئ سوري.